منشأة الجمرات الحديثة

تعتبر منشأة الجمرات الحديثة من أهم المشاريع التطويرية التي أنجزتها المملكة العربية السعودية في المشاعر المقدسة، حيث تمثل قفزة كبيرة في كيفية إدارة الحشود، متماشية مع أحدث المعايير الهندسية والتنظيمية العالمية. هذه المنشأة قادرة على استيعاب أكثر من 300 ألف حاج في الساعة، مما يتيح تفويجًا مرنًا وآمنًا خلال ذروة أيام رمي الجمرات في أيام التشريق. كل عام، خلال هذا الوقت، تشهد منطقة الجمرات في مشعر منى توافد الحجاج لأداء هذه الشعيرة في مشهد روحاني مهيب، يجسد الالتزام والتقيد بتعاليم النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، مما يعكس عظمة مناسك الحج ودقتها التنظيمية.

مركز رمي الجمرات

في الماضي، كانت الجمرات تجسد أعمدة حجرية صغيرة تحيط بها مساحات وطرقات ضيقة، مما تسبب في ازدحام كبير وصعوبات في أداء المناسك، لاسيما مع زيادة أعداد الحجاج. أما اليوم، فقد تحولت هذه المنشأة إلى معلم هندسي متكامل يتضمن خمسة طوابق، بطول 950 مترًا وعرض 80 مترًا، مزودة بـ 386 سلمًا كهربائيًا و11 مبنى للسلالم الكهربائية، بالإضافة إلى جسور متعددة الاتجاهات وممرات للدخول والخروج ومخارج للطوارئ، بالإضافة إلى أنظمة متطورة للتبريد والمراقبة الذكية.

تعمل في المنشأة منظومة تشغيلية متكاملة تشمل فرقاً ميدانية متخصصة تعمل على مدار الساعة، لتعزيز سلامة الحجاج وتقديم الخدمات الطبية والإرشادية بالتعاون مع الجهات المعنية. كما تم تعزيز المنشأة بشاشات إرشادية متعددة اللغات وكاميرات مراقبة حديثة، مما يساهم في تسهيل الحركة وضمان سلامة الحجاج.

في إطار تحسين تجربة الحجاج، قامت شركة كِدانة للتنمية والتطوير، الذراع التنفيذي للهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، هذا العام بتنفيذ عدد من المشاريع المتميزة، منها تركيب 200 مروحة رذاذ في الساحة الشرقية للمنشأة لتخفيف تأثير الحرارة، بالإضافة إلى مشروع “نحو منى” الذي يهدف إلى تطوير الإرشاد المكاني مما يساعد على تقليل نسبة التائهين وتسهيل وصول الحجاج إلى مخيماتهم، باستخدام نظام ألوان ولوحات إرشادية مرتبطة بتقسيمات المخيمات والأدوار في المنشأة.

تظل منشأة الجمرات اليوم نموذجًا عالميًا في إدارة الحشود، مما يعكس ريادة المملكة في استغلال التقنيات الحديثة لتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن، وضمان راحتهم وسلامتهم أثناء أداء مناسكهم في أجواء منظمة وآمنة.