قال الدكتور محمد ممدوح، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان ورئيس مجلس الشباب المصري، إن ما نشهده الآن ليس مجرد تبادل للضربات، بل لحظة مفصلية من لحظات التاريخ، يتم فيها تفكيك مفاهيم الأمن والسيادة، وإعادة تعريف موقع المنطقة من الخريطة الدولية، مضيفاً “إسرائيل لا تضرب إيران فقط، بل تضرب فكرة الدولة في المنطقة كلها، كما أننا أمام محاولة لتكريس منطق "الردع بالقوة" بدلًا من الردع بالقانون، وفرض صيغة إقليمية يتحول فيها كل من يملك سيادة أو مشروع وطني مستقل إلى هدف مشروع".
وأضاف ممدوح، في تصريحات لـ"البوابة“، أن التاريخ أثبت أن أي نموذج حكم يُعلي من سلطة رجال الدين على حساب المؤسسات، يتآكل من الداخل حتى لو بدأ خارجيًا أقوى، مشدداً على أن التجربة الإيرانية أظهرت بوضوح أزمة تداخل الدين مع الدولة، وغياب الشفافية، واحتكار القرار من نخبة مغلقة، واللحظة الحالية تكشف هشاشة هذا النموذج في مواجهة الأزمات الكبرى، كما أن حكم رجال الدين ينجو فقط إذا احترم حدود الدولة، ومارس الدين كمرجعية قيم لا كأداة سلطة.
وتابع، أن الشعوب لا تقبل التبريرات العقائدية للقمع، ولا مستعدة تدفع ثمن مغامرات سياسية مغلفة بخطاب ديني، حتى على المستوى الشعبي، بدأت تتشكل قناعات جديدة وأن ما نحتاجه هو دولة مدنية قوية، تستمد شرعيتها من القانون، وتحترم الدين لكنها لا تُدار به، وهذا هو التحدي الحقيقي لأي نظام يحمل طابعًا دينيًا في المرحلة المقبلة.
أمريكا لا تريد استقرارًا حقيقيًا في الشرق الأوسط
وأوضح «ممدوح»، أن أمريكا لا تريد استقرارًا حقيقيًا في الشرق الأوسط، لكنها تريد "إدارة أزمات" وليس حل أزمات والمخطط الإسرائيلي متكامل مع الرؤية الأمريكية: حيث أنها تريد تدمير مراكز القوة خارج السيطرة، واستنزاف أي مشروع مقاوم، وتصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي من خلال فرض وقائع بالقوة، ثم الدخول في مفاوضات على أطلالها، مشدداً على أننا لا نتحدث عن حرب، بل عن استراتيجية "إعادة ترتيب الإقليم" بحيث تظل إسرائيل القوة الوحيدة القادرة على المبادرة، وتظل بقية دول المنطقة في موقع الدفاع أو التفاوض على النجاة.
حقوق الشعب الفلسطيني
واختتم ممدوح قائلاً: “وسط كل هذا العبث، تبقى مصر وحدها تتحرك بمنطق الدولة، حيث أنها قامت برفض التصعيد، لكنها لا تقبل الإملاء، كما تحذر من توسعة دائرة النار، لكنها لا تساوم على حقوق الشعب الفلسطيني، وتتحرك دبلوماسيًا وإنسانيًا من اليوم الأول، من فتح المعابر لعلاج الجرحى، لدعم وقف إطلاق النار، لحشد المواقف الدولية"، ومؤكدًا على أن الدور المصري يحتاج دعمًا حقيقيًا من العالم العربي، ومن الشعوب قبل الحكومات، لأن ما يُرسم الآن هو حدود النفوذ والسيادة لعقود قادمة.
0 تعليق