تتعالى الدعوات لتحرير الجسد من قيود الحمية الصارمة، وسط تصاعد الضغوط الاجتماعية والإعلانات التي تروّج لمعايير جمال نمطية، التي باتت تشكّل عبئًا نفسيًا وجسديًا على ملايين الأشخاص حول العالم، فبين الوعود الكاذبة بالرشاقة الفورية والأنظمة الغذائية المتطرفة، يفقد كثيرون علاقتهم الصحية مع الطعام ويتحول الأكل من حاجة طبيعية إلى مصدر توتر وذنب.
ومع تزايد الوعي بمخاطر ثقافة الريجيم، بدأ ناشطون وأخصائيو تغذية وصحة نفسية ينادون بنهج جديد قائم على التوازن والقبول الذاتي، بدلًا من الحرمان والضغط، ولا تنكر هذه الدعوات أهمية الصحة أو العناية بالجسد، لكنها ترفض اختزال الإنسان في وزنه أو شكله، وتؤكد أن الجمال الحقيقي يكمن في الراحة مع الذات، وأن الجسد يستحق الاحترام والرعاية لا القمع والتجويع.
اليوم العالمي لمعاداة الريجيم
يوافق السادس من مايو من كل عام “اليوم العالمي لمعاداة الريجيم”، وهو مناسبة سنوية تهدف إلى التوعية بمخاطر الحميات الغذائية القاسية، وتسليط الضوء على ضرورة تقبّل الجسد كما هو، بعيدًا عن الهوس المثالي بالجسم النحيف، وقد انطلق هذا اليوم لأول مرة عام 1992 بمبادرة من الناشطة البريطانية “ماري إيفانز يونج”، التي عانت من اضطرابات الأكل وسعت إلى فضح الثقافة المهووسة بالنحافة، والدعوة لاحترام التنوع الجسدي.
وفي هذا اليوم، ترتفع الأصوات المطالبة بالاعتراف بأن الوزن لا يجب أن يكون المعيار الوحيد للحكم على صحة الإنسان أو قيمته، فهناك من يتمتعون بصحة جيدة رغم زيادة الوزن، وهناك من يعانون من أمراض مزمنة رغم التزامهم بمقاييس الجسم المثالي، وتركز هذه الحملة العالمية على التوعية باضطرابات الأكل مثل الأنوركسيا والبوليميا، وهي اضطرابات نفسية تؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم، معظمهم من النساء والفتيات في سن المراهقة.
أهداف اليوم العالمي لمعاداة الريجيم
من أهم الرسائل التي يحملها اليوم العالمي لمعاداة الريجيم هو أن "الريجيم ليس الحل"، إذ أظهرت العديد من الدراسات أن الحميات القاسية غالبًا ما تنتهي بالفشل، بل وقد تؤدي إلى نتائج عكسية مثل اضطراب العلاقة مع الطعام، وفقدان الثقة بالنفس، والعودة لاكتساب الوزن بسرعة، كما أن الضغط المجتمعي والإعلانات التي تروج لصورة نمطية للجسد المثالي تؤثر سلبًا على الصحة النفسية، وتزرع مشاعر النقص والذنب لدى من لا يستطيعون الالتزام بهذه الصورة المفروضة.
ويدعو نشطاء هذا اليوم إلى اتباع نمط حياة صحي ومتوازن يشمل التغذية الجيدة والحركة اليومية والراحة النفسية، دون حرمان أو تجويع أو شعور بالذنب عند تناول الطعام، كما يشجعون على تبنّي مبدأ "القبول الذاتي" والاحتفاء بجميع أشكال الأجسام، بغض النظر عن الوزن أو الشكل، لأن الجمال لا يُقاس بالمقاسات، بل بالصحة والرضا والثقة.
0 تعليق