مائة عام من السياسة بين الرياض وواشنطن

سحب 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

لم يكن توقيع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود اتفاقية الامتياز للتنقيب عن النفط في 29 مايو 1933 مع شركة “ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا” مجرد صفقة تجارية عادية، بل كان بداية عصر جديد للاقتصاد والسياسة في المملكة العربية السعودية، وامتد تأثيره إلى العالم بأسره. هذا الحدث شكل نواة لعلاقات دولية عميقة، حيث أدى تدفق النفط الأولى من الصحراء السعودية إلى تحولات كبرى، وفي عام 2035، سيحتفل العالم بمرور مائة عام على تلك اللحظة الفارقة.

العلاقة السعودية الأمريكية

تجسد هذه العلاقة شراكة متينة بدأت مع لقاء الملك عبدالعزيز بن سعود والرئيس فرانكلين روزفلت في عام 1945 على متن سفينة “كوينسي”، مما أسس اتفاقًا تاريخيًا. كانت هذه اللقاء تجمع بين قائدين شجعان، كلاهما قاد بلاده إلى الانتصارات، حيث استعاد الملك عبدالعزيز ملك آبائه محطمًا أعداءه، بينما انتصر روزفلت على قوى المحور في الحرب العالمية الثانية. الدولتان، السعودية والولايات المتحدة، تشابها في تجاربهما، فكلتاهما ظلت معزولة عن العالم لقرون، لكن التحالف بينهما أدى إلى استقرار اقتصادي ونفوذ سياسي عالمي. يؤكد هذا التقارب على احترام المسافات والصدق في التعامل، كما عبّر عنه الأمير بندر بن سلطان، مشيرًا إلى أن السعوديين يتميزون بالصراحة في السياسة، مما يميز علاقتهم عن غيرها.

مع مرور السنين، تحولت هذه العلاقة إلى دعامة لمصالح مشتركة، رغم بعض الخلافات، حيث حافظت المؤسسات العميقة على تماسكها. الرئيس دونالد ترمب، في زيارته الأولى للرياض بعد عودته إلى البيت الأبيض، يعيد تأكيد هذه الروابط التاريخية، متبنيًا نهجًا يعبر من بوابة الدرعية نحو مستقبل جديد. في عالم يشهد إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي، تبرز المملكة كشريك أساسي بفضل نفوذها النفطي ودورها العربي والإسلامي، مما يضمن استمرارها كعنصر حاسم في القرن المقبل، كما كانت في المائة عام الماضية.

الشراكة التاريخية

أدت هذه الشراكة إلى إنجازات كبيرة، منها ما حققته السعودية في قضايا دولية مثل دعم القضية الفلسطينية. على سبيل المثال، من المتوقع أن يعلن ترمب عن اعترافه بدولة فلسطينية خلال زيارته، مما يمثل نقلة كبيرة بناءً على جهود الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده محمد بن سلمان، مستذكرين الإنجازات السابقة مثل ما فعله الملك فهد بن عبدالعزيز في انتزاع اعتراف الرئيس رونالد ريغان بمنظمة التحرير الفلسطينية. تُذكرنا هذه الخطوات برسالة الملك عبدالعزيز إلى روزفلت في عام 1945، التي رسمت دستورًا للعلاقات السعودية الأمريكية مبنيًا على الاحترام والمصالح المتبادلة. على مدى مائة عام، ساهمت هذه القصة في تشكيل مستقبل العالم، حيث بقيت السياسة السعودية ملتزمة بمبادئها الراسخة، مما ضمن علاقة وثيقة ومستدامة. إن تحالف الضرورة هذا لم يقتصر على النفط، بل امتد إلى التعاون الاستراتيجي في مواجهة التحديات، مما يجعل من هذه الشراكة نموذجًا للتعاون بين الأمم.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق