اقرأ في هذا المقال
- تعزيز الطاقة المتجددة لا يؤدي بالضرورة إلى خفض الوقود الأحفوري
- حصة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء الأميركي تضاعفت خلال آخر 13 عامًا
- باحث بجامعة بنسلفانيا يحلّل بيانات 33 ولاية أميركية منتجة للوقود الأحفوري
- نتائج الدراسة تصدم صنّاع السياسات المدافعين عن تحول الطاقة في الغرب
- تباين حصص الوقود الأحفوري في الولايات تفسّره عوامل أخرى لا علاقة لها بالطاقة المتجددة
ثمة افتراض شائع بأن التوسع في الطاقة المتجددة يؤدي بالضرورة إلى خفض إنتاج الوقود الأحفوري واستهلاكه، خاصة في مزيج توليد الكهرباء.
ورغم انتشار هذا الافتراض بقوة في الأوساط البيئية وبين شريحة واسعة من صنّاع سياسات الطاقة والمناخ في الدول الأوروبية، فإنه لم يسلم من النقد العملي في الأوساط العلمية المتخصصة.
وفي هذا السياق، أظهرت دراسة علمية أميركية -اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)- عدم وجود ارتباط بين زيادة إنتاج الطاقة المتجددة وانخفاض الوقود الأحفوري في الولايات المتحدة خلال مدة وصلت إلى 24 عامًا.
وتُصنَّف الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط في العالم، وثاني أكبر منتج للطاقة، وثاني أكبر مصدر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري عالميًا.
بيانات إنتاج الوقود الأحفوري (1997-2000)
استندت الدراسة الصادرة عن كلية العلوم الزراعية بجامعة بنسلفانيا، إلى تحليل بيانات إنتاج الوقود في 33 ولاية تنتج الوقود الأحفوري في الولايات المتحدة خلال المدة من 1997 حتى 2020.
كما اعتمدت على تحليل نصيب الفرد من إنتاج الوقود الأحفوري -بما في ذلك الفحم والغاز الطبيعي والنفط الخام- مقارنة بنصيبه في الطاقة المتجددة، شاملة الطاقة الكهرومائية والطاقة الحرارية الأرضية إلى جانب طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة المنتجة من الخشب والنفايات والوقود الحيوي.
واستعملت الدراسة 3 أساليب نماذج لحساب نصيب الفرد لضمان الوصول إلى تقديرات دقيقة، بحسب تفاصيل منهجية رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.

ولم تصل نتائج الدراسة إلى وجود أيّ ارتباط بين إنتاج الطاقة المتجددة والوقود الأحفوري في هذه الولايات، ما يشير إلى ضعف قدرة الطاقة المتجددة على خفض -أو الإحلال محل- الوقود الأحفوري.
وعلى العكس من ذلك، توصَّل معدّ الدراسة رايان ثومبس -وهو أستاذ مساعد في علم الاجتماع الريفي بالكلّية- إلى أن 96% أو أكثر من مظاهر التباين في إنتاج الوقود الأحفوري عبر الولايات محل الدراسة يمكن تفسيره بعوامل ثابتة في كل ولاية لا علاقة لها بالطاقة المتجددة.
ومن أبرز هذه العوامل المفسّرة، حجم موارد الوقود الأحفوري المتاحة في كل ولاية، أي كمية الرواسب أو الاحتياطيات في باطن الأرض المتاحة من ولاية لأخرى.
ورغم ذلك، فإن المؤلف ما زال يعتقد بأن نتائج الدراسة خاصة بالولايات المتحدة، ولا يمكن تعميمها على مناطق أخرى، كما لا يمكن تعميمها خارج المدة المختارة.
افتراضات الطاقة المتجددة الخاطئة
استنادًا إلى ذلك، يرى ثومبس ضرورة إعادة النظر في سياسات الطاقة المتجددة والوقود الأحفوري بالولايات المتحدة حتى تكون أكثر فاعلية من حيث الأثر البيئي المحتمل.
كما يدعو الباحث إلى مراجعة مناهج الاستثمار الحالية في الطاقة المتجددة لاعتقاده بأنها قائمة على افتراض خاطئ، مفاده أن زيادة إنتاج الطاقة المتجددة ستؤدي حتمًا إلى خفض إنتاج الوقود الأحفوري، ومن ثم خفض التلوث.
وتُلقي الأمم المتحدة بمسؤولية 75% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري و90% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على الوقود الأحفوري.
ومن الممكن أن تحلَّ مصادر الطاقة المتجددة محلّ الوقود الأحفوري في الولايات المتحدة، إذا حدث تحول واسع في الاقتصاد السياسي للبلاد، وطُبِّقَت لوائح الولايات بصرامة.
ومع ذلك، فإن نتائج الدراسة تُظهر أنّ أيّ تحوُّل من هذا القبيل سيواجه تحديات القرب الجغرافي الشديد بين مصادر الطاقة المتجددة والوقود الأحفوري في العديد من الولايات المعتمدة عليه، إذ عادةً ما يكون الترجيح بينهما أسهل في حالة المناطق النائية أو البعيدة عن مرافق الوقود الأحفوري.
واستنادًا إلى ذلك، يوصي أستاذ علم الاجتماع الريفي بجامعة بنسلفانيا بضرورة تشديد سياسات الطاقة عبر استهداف خفض إنتاج الوقود الأحفوري مباشرةً من خلال زيادة ضرائب الكربون، ووضع حدود قصوى لإنتاجه بما يضمن بقاء أكبر احتياطياته في باطن الأرض دون استعمال.
بيانات مزيج الكهرباء الأميركي حتى 2024
ما زال الوقود الأحفوري يسيطر على مزيج الكهرباء الأميركي بنسبة 58% تقريبًا، لكن حصة الطاقة المتجددة شهدت نموًا متسارعًا خلال الأعوام الـ13 الماضية (2012 -2024)، بحسب بيانات تاريخية جمعتها وحدة أبحاث الطاقة.
وتشير هذه البيانات إلى تضاعُف حصة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء الأميركي من 12% في 2022 إلى 23% خلال عام 2024، أي خلال 13 عامًا، بينما ارتفعت حصتها بنسبة 1% فقط خلال عام 2024.
ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تطورات مزيج الكهرباء الأميركي منذ عام 2012 حتى عام 2024:
على الجانب الآخر، شهد مزيج الكهرباء الأميركي تحولات واسعة على حساب حصة الفحم ولصالح الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة، إذ هبطت حصة الفحم من 37% عام 2012، إلى 15% في عام 2024.
وارتفعت حصة الغاز الطبيعي من 31% عام 2012، إلى 43% في عام 2024، بحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، وشركة بلومبرغ نيو إنرجي فايننس المتخصصة.
وجاءت تحولات حصص الفحم والغاز الطبيعي في إطار سياسات الطاقة الأميركية السابقة لإخراج القدرة العاملة بالفحم عن الخدمة مبكرًا، ضمن خطط خفض انبعاثات الطاقة، لكن هذه السياسات قد تشهد تحولات كبيرة خلال مدة الرئيس ترمب الذي أعلن دعمه الواضح للفحم وكل مصادر الوقود الأحفوري.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
- تحليل بيانات الطاقة المتجددة والوقود الأحفوري من دراسة جامعة بنسلفانيا
- بيانات مزيج الكهرباء الأميركي من شركة أبحاث بلومبرغ نيو إنرجي فايننس
0 تعليق