أثار تعيين خطري الدوه ممثلا جديدا لجبهة “البوليساريو” في الجزائر، خلفا لعبد القادر الطالب عمر، تساؤلات عديدة حول دلالات هذا القرار وتداعياته على الجبهة الانفصالية والعلاقة مع الجزائر. ويأتي هذا التعيين في ظل توترات داخلية تشهدها الجبهة، إلى جانب ضغوط اقتصادية وسياسية تواجهها الجزائر التي تُعتبر الداعم الرئيسي للـ”بوليساريو”.
ووفقا لتقارير إعلامية، فإن هذا التغيير يعكس جمودا في هياكل الجبهة، مع عودة وجوه قديمة إلى الواجهة؛ مما يثير تساؤلات حول قدرة الجبهة على التجديد ومواكبة التحولات الإقليمية والدولية.
وسجل المراقبون أن تعيين خطري الدوه “سفيرا” للـ”بوليساريو” في الجزائر يكشف عن أزمة عميقة داخل الجبهة الانفصالية، تتمثل في عجزها عن التجديد القيادي واستمرار الصراعات الداخلية، إلى جانب تمسكها بخيارات متشددة تدعمها الجزائر؛ مؤكدين أن هذا القرار ليس مجرد تغيير إداري، بل محاولة لإعادة تدوير القيادات القديمة للحفاظ على الوضع الراهن، في ظل عزلة دولية متزايدة تواجهها الجبهة والجزائر.
بوسلهام عيسات، الباحث في الدراسات والسياسات الدولية، قال إن تعيين خطري الدوه ممثلا لجبهة البوليساريو في الجزائر يكشف عن صراعات داخلية بين أجنحة الجبهة.
وأشار عيسات، ضمن تصريح لهسبريس إلى أن الدوه، الذي سبق أن ترأس المجلس الوطني الصحراوي والأمانة العامة للجبهة مؤقتا قبل انتخاب إبراهيم غالي، يُعتبر من القيادات التاريخية.
وأضاف الباحث في الدراسات والسياسات الدولية أن هذا التعيين قد يكون بمثابة “إبعاد لهذا القيادي لتفادي تصعيد التوترات داخل الجبهة، خاصة مع اقتراب مؤتمرها المقبل الذي شهد في دورته السابقة انقسامات حادة”.
وأبرز المتحدث ذاته أن عودة شخصية مثل الدوه إلى منصب دبلوماسي بارز “تكشف عن ترهل الجبهة وفشلها في إنتاج قيادات جديدة قادرة على قيادة المشروع الانفصالي”.
وسجل أن الجيل الجديد من قيادات الجبهة يعاني من اليأس بسبب طول أمد النزاع؛ مما دفع الجبهة إلى الاعتماد على قيادات الجيل الأول المتشبثة بخيار العمل المسلح والمدعومة من الجزائر، رابطا بين هذا التعيين والاستراتيجية الجزائرية لعرقلة العملية السياسية لتسوية النزاع.
وذكّر عيسات بأن الدوه، الذي سبق أن ترأس وفد الجبهة في محادثات جنيف، يُعتبر رمزا للتمسك بخيار العمل المسلح وخرق وقف إطلاق النار.
من جانبه، وصف الحسين كنون، محام رئيس المرصد المغاربي للدراسات السياسية الدولية، أن تعيين خطري الدوه “سفيرا” للـ”بوليساريو” في الجزائر بأنه “أضحوكة” تكشف عن تناقضات الجبهة والجزائر معا.
وحسب كنون، فإن جبهة “البوليساريو”، كحركة انفصالية، تفتقر إلى مقومات الدولة وفق القانون الدولي؛ مثل السيادة والأرض والشعب، والاعتراف الدولي. هذه العناصر، التي تُحددها اتفاقيات جنيف وفيينا، تجعل تعيين “سفير” للجبهة في الجزائر أمرا غير قانوني وعديم الشرعية.
وأضاف كنون، في حديث لهسبريس، أن هذا التعيين هو “محاولة لتغطية الحقيقة، والمتعلقة بهشاشة الموقف الجزائري و”البوليساريو” أمام المجتمع الدولي”، مؤكدا أن الجزائر تستخدم جبهة “البوليساريو” كـ”سجل تجاري” لتحقيق أهدافها في معاداة المغرب وتهديد مصالحه العليا.
هذا التعيين، وفق رئيس المرصد المغاربي للدراسات السياسية الدولية، جزء من استراتيجية جزائرية للاستمرار في استغلال الجبهة كورقة سياسية، سواء عبر المزايدات الدبلوماسية أو استغلال المساعدات الدولية التي تُحول إلى السوق السوداء.
وأشار المحامي ذاته إلى أن الجزائر، بدعمها لهذا التعيين، تُظهر تمسكها بعقيدة معاداة المغرب؛ بينما يواصل المغرب احترام الشرعية الدولية والتقدم في تنمية أقاليمه الصحراوية، مما يضع الجار الشرقي للمملكة في موقف معزول يتعارض مع التيار الدولي الداعم للحلول السلمية.
وحذر المتحدث عينه من أن استمرار الجزائر في دعم “البوليساريو” يضعها في مواجهة التيار الدولي، مشبها ذلك بالسباحة ضد التيار؛ وهو ما قد يؤدي، حسبه، إلى “عواقب وخيمة”.
وخلص كنون إلى أن الجبهة الانفصالية، بدعم الجزائر، “باتت تشكل تهديدا للأمن والسلم في المنطقة، خاصة مع تقارير عن تورطها في تجارة المخدرات والهجرة غير النظامية والارتباط بتنظيمات إرهابية؛ بينما يبرز المغرب كقوة إقليمية تسعى إلى التنمية والاستقرار، مدعوما بشركاء دوليين يدافعون عن الوحدة الترابية.
0 تعليق