يمثل قانون الإيجار القديم في مصر إرثًا تشريعيًا يمتد لعقود طويلة، وقد نظم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين في فترة زمنية محددة و يتميز هذا القانون ببنود تمنح المستأجرين حقوقًا واسعة، خاصة فيما يتعلق باستقرارالعلاقة الإيجارية وتحديد قيمة الإيجاربشكل ثابت أو بزيادات طفيفة على فترات متباعدة.
ومع التغيرات الاقتصادية والاجتماعية، أثيرت العديد من النقاشات حول مدى استمرار العمل بهذا القانون وتأثيره على سوق العقارات، يهدف هذا التقرير إلى توضيح نطاق تطبيق قانون الإيجار القديم، وتحديد الشرائح التي يخضع لها، بالإضافة إلى إلقاء الضوء على أي استثناءات واردة فى هذا القانون وأراء القانونيين

نطاق تطبيق قانون الإيجار القديم على العقود التي أبرمت قبل صدورالقانون رقم 4 لسنة 1996
من جانبه قال أستاذ القانون المدنى بكلية الحقوق جامعة القاهرة الدكتور محمد شكرى سرور لـ"البوابة نيوز" : ينطبق قانون الإيجار القديم بشكل أساسي على عقود الإيجار التي تم تحريرها قبل تاريخ معين حددته التشريعات اللاحقة، تاريخيًا، يشير هذا إلى العقود التي أبرمت قبل صدورالقانون رقم 4 لسنة 1996 بشأن سريان أحكام القانون المدني على الأماكن التي لم يسبق تأجيرها والأماكن التي انتهت أو تنتهي عقود إيجارها، وبالتالي، فإن العقارات المؤجرة بعقود أبرمت قبل هذا التاريخ تخضع لأحكام قوانين الإيجارات الاستثنائية التي كانت سارية آنذاك، والتي تمنح المستأجرين حماية كبيرة.
وتابع : يشمل نطاق تطبيق قانون الإيجار القديم أنواعًا مختلفة من العقارات، سواء كانت سكنية أو تجارية أو صناعية أو غيرها، طالما أن عقد الإيجار الخاص بها قد تم إبرامه في ظل سريان القوانين القديمة للإيجارات، هذا يعني أن العلاقة الإيجارية تخضع لبنود تلك القوانين فيما يتعلق بمدة العقد، وقيمة الإيجار، وشروط الإخلاء، وامتداد العقد لورثة المستأجر في بعض الحالات.

الشرائح المستثناة من قانون الإيجار القديم
وأردف : على الرغم من النطاق الواسع لتطبيق قانون الإيجارالقديم، توجد بعض الحالات والشرائح التي تم استثناؤها بموجب قوانين لاحقة أو تفسيرات قضائية. من أبرز هذه الاستثناءات:
أولا : العقارات التي تم إنشاؤها أو تأجيرها لأول مرة بعد صدور القانون رقم 4 لسنة 1996: تخضع هذه العقارات لأحكام القانون المدني، الذي يمنح المؤجر والمستأجر حرية أكبر في تحديد شروط التعاقد، بما في ذلك مدة الإيجار وقيمته وآليات زيادته.
ثانيا : الوحدات المؤجرة بغرض الاستخدام الموسمي أو العرضي: غالبًا ما تخضع هذه الوحدات لاتفاقيات إيجار محددة المدة لا يمتد إليها قانون الإيجار القديم.
ثالثا : بعض الحالات الخاصة التي نصت عليها قوانين لاحقة: قد تصدر تشريعات خاصة تنظم أوضاعًا إيجارية محددة وتستثنيها من نطاق قانون الإيجار القديم.
رابعا : الرضائية بين المؤجر والمستأجر: في بعض الحالات، قد يتفق المؤجر والمستأجر الخاضعان لقانون الإيجار القديم على إنهاء العلاقة الإيجارية القديمة وتحرير عقد إيجار جديد يخضع لأحكام القانون المدني، وذلك برضاهما الكامل.

مستقبل الإيجارات
في سياق النقاشات الدائرة حول تعديل قوانين الإيجارات، يبرز اقتراح بوضع حد أدنى لقيمة الإيجارات الجديدة يبدأ من 1000 جنيه مصري.
وقد أثار هذا الاقتراح جدلاً واسعًا بين المؤيدين الذين يرون فيه ضرورة لمواكبة التغيرات الاقتصادية وتحقيق توازن في العلاقة الإيجارية، والمعارضين الذين يخشون من تأثيره على محدودي الدخل.
وفي هذا الصدد،يقول أستاذ القانون المدنى دكتور حسام الدين محمد كامل الاهواني : أن تحديد حد أدنى للإيجار يتماشى مع مبدأ حرية التعاقد المنصوص عليه في القانون المدني، وأن الدولة تتدخل لتنظيم السوق بما يضمن حقوق الطرفين بشكل عادل. وقد يستند هذا الرأي إلى ضرورة تحقيق عائد عادل للمؤجرين وتمكينهم من صيانة العقارات وتطويرها.
في المقابل، يرى دكتور"سرور"أن تحديد حد أدنى للإيجار قد يمثل عبئًا إضافيًا على المستأجرين، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة وأستند فى هذا إلى مبادئ العدالة الاجتماعية وحماية الطبقات الأكثر احتياجًا، مشيرًا إلى أن تدخل الدولة يجب أن يراعي القدرة الشرائية للمواطنين.
استمرار النقاشات قانونية
ويكمل دكتور" الاهوانى" : إن مستقبل قوانين الإيجارات في مصر يظل قيد الدراسة والنقاش، ومن المرجح أن يشهد تعديلات تهدف إلى تحقيق توازن بين مصالح المؤجرين والمستأجرين، مع مراعاة الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية المختلفة.
ويختتم : يظل قانون الإيجار القديم ساريًا على العقود التي أبرمت قبل صدور القانون رقم 4 لسنة 1996، ويمنح المستأجرين حقوقًا خاصة. ومع ذلك، توجد بعض الاستثناءات المحددة التي تخضع لأحكام القانون المدني أو تشريعات خاصة. أما بالنسبة لمستقبل الإيجارات، فإن المقترحات المطروحة، مثل تحديد حد أدنى للإيجار، تثير نقاشات قانونية واجتماعية مهمة حول كيفية تحقيق العدالة والتوازن في العلاقة الإيجارية في ظل التغيرات الاقتصادية. من الضروري متابعة التطورات التشريعية والقضائية لفهم النطاق الحالي والمستقبلي لقوانين الإيجارات في مصر بشكل دقيق.
0 تعليق