في خطوة نوعية نحو تعزيز التحول الأخضر، تُجرى الاستعدادات لإعلان أول مشروع لتخزين الطاقة المتجددة في سلطنة عمان، ضمن جهودها المتواصلة لتحقيق أهداف "رؤية عمان 2040".
ويُعد هذا المشروع المرتقب حلقة مفصلية في خريطة طريق البلاد نحو مستقبل منخفض الانبعاثات وأكثر استدامة.
وتأتي هذه المبادرة خلال وقتٍ تُسرّع فيه الحكومة العُمانية من وتيرة مشروعات الطاقة المتجددة، ولا سيما في طاقتي الرياح والشمس، لدعم خططها في إنتاج 30% من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2030.
ووفقًا لبيان طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، كشف وزير الطاقة والمعادن المهندس سالم بن ناصر العوفي، عن أن المشروع الجديد سيُعلَن قريبًا، ويهدف إلى إيجاد حلول فاعلة لتخزين الكهرباء النظيفة.
وأكد أن المشروع يدعم موثوقية الشبكة ويضمن استقرار الإمدادات، مشيرًا إلى أن سلطنة عمان تدرس جميع الخيارات التقنية، التقليدية منها والمبتكرة.
ويمثّل أول مشروع لتخزين الطاقة المتجددة في سلطنة عمان خطوة محورية تُضاف إلى مشروعات ضخمة قيد التنفيذ، في مقدمتها 5 إلى 6 محطات جديدة للطاقة المتجددة من الرياح والشمس، من المزمع تشغيلها بحلول 2027، بقدرة تفوق 2000 ميغاواط.
تخزين الكهرباء في سلطنة عمان
قال المهندس سالم بن ناصر العوفي إن الوزارة تعمل بالتعاون مع شركائها في مجموعة نماء وهيئة تنظيم الخدمات العامة على دراسة حلول تخزين الكهرباء، بهدف إدخال مشروع يُعد الأول من نوعه في البلاد، لافتًا إلى أن المشروع المرتقب سيُسهِم في استقرار الشبكة وتحسين كفاءة استعمال مصادر الطاقة المتجددة.
وأضاف أن التركيز في المرحلة المقبلة سيكون على طاقة الرياح؛ نظرًا إلى توافر إمكانات طبيعية مميزة في محافظتي الوسطى وظفار؛ إذ أُجريت قياسات ميدانية مكثفة لتحديد الجدوى التقنية للمشروعات.
وأوضح العوفي أن المحطات الجديدة، التي سيبدأ تنفيذها العام الجاري، ستُضاف إلى محطات "منح 1" و"منح 2" للطاقة الشمسية، اللتين تجاوز إنتاجهما الأولي 500 ميغاواط لكل منهما.
وفي السياق ذاته، أشار الوزير إلى أن سلطنة عُمان تعمل أيضًا على تطوير مشروع "طريق الهيدروجين"، بالشراكة مع وزارتي الطاقة والنقل وشركة تنمية نفط عمان، والذي سيتيح استعمال الهيدروجين بوصفه وقودًا بديلًا في شاحنات النقل؛ ما يعزز من تكامل الحلول منخفضة الكربون.

طاقة الرياح في سلطنة عمان
تشكل طاقة الرياح أحد الأعمدة الرئيسة التي تقوم عليها خطط الطاقة المستدامة في سلطنة عمان؛ إذ اختارت شركة نماء لشراء الطاقة والمياه 12 شركة عالمية لتطوير 5 مشروعات إستراتيجية جديدة، باستثمارات تصل إلى 500 مليون ريال (1.4 مليار دولار أميركي).
(الريال العماني = 2.60 دولارًا أميركيًا)
وتضم قائمة الشركات المؤهلة أبرز الأسماء العالمية، مثل "سوميتومو" اليابانية، و"مصدر" الإماراتية، و"توتال إنرجي"، و"إي دي إف" الفرنسية، ما يعكس الاهتمام الدولي المتزايد بالسوق العمانية.
وتهدف هذه المشروعات إلى إنتاج ما يراوح بين 91 و400 ميغاواط لكل مشروع، بإجمالي قدرة مركبة قد تتجاوز 1000 ميغاواط، ومن المقرر بدء التشغيل التجاري لها في عام 2027، ما يتوافق زمنيًا مع دخول أول مشروع لتخزين الطاقة المتجددة في سلطنة عمان إلى الخدمة.

محطة ظفار
في عام 2019، دشّنت سلطنة عمان مشروع ظفار لطاقة الرياح، ليكون أول مشروع تجاري من نوعه في منطقة الخليج.
وبحسب بياناته لدى منصة الطاقة المتخصصة، يقع المشروع في محافظة ظفار، وتبلغ قدرته نحو 50 ميغاواط، ويوفر نحو 7% من احتياجات المحافظة من الكهرباء.
ويتكوّن المشروع من 13 توربينًا، من إنتاج شركة "جنرال إلكتريك"، وتعمل المحطة على تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بما يقارب 110 آلاف طن سنويًا، فضلًا عن توفير الكهرباء لأكثر من 16 ألف منزل.
وقد حاز مشروع ظفار جائزة أفضل مشروع لطاقة الرياح في آسيا لعام 2019؛ ما يعكس جودة التخطيط والتنفيذ، ويضع نموذجًا يُحتذى به في المشروعات المقبلة؛ وعلى رأسها أول مشروع لتخزين الطاقة المتجددة في سلطنة عمان.

تحقيق الحياد الكربوني
تسعى سلطنة عمان إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وتُعد الإمكانات الطبيعية التي تمتلكها البلاد، من أشعة شمس ساطعة على مدار العام ورياح مستقرة، من العوامل الحاسمة في نجاح تلك الإستراتيجية.
كما تُشير تقديرات مجلس طاقة الرياح العالمي إلى أن سلطنة عمان تمتلك قدرات تقنية من الرياح البحرية تصل إلى 61 غيغاواط.
ويُتوقع أن يُشكل أول مشروع لتخزين الطاقة المتجددة في سلطنة عمان عنصرًا حاسمًا في هذه المعادلة؛ إذ يُتيح تخزين فائض الكهرباء المنتجة في أوقات الذروة، وإعادة توزيعها حسب الحاجة، ما يُعزز أمن الطاقة ويُخفض الاعتماد على الوقود الأحفوري.
مستقبل الطاقة في سلطنة عمان
مع اقتراب موعد الإعلان الرسمي عن أول مشروع لتخزين الطاقة المتجددة في سلطنة عمان، تُواصل البلاد مساعيها للتحول من مستهلك للطاقات التقليدية إلى مركز إقليمي لتقنيات الطاقة النظيفة.
وتؤكد المؤشرات أن هذا المشروع لن يكون الأخير، بل بداية سلسلة من المشروعات المبتكرة التي تُراهن عليها مسقط لتحقيق التنمية المستدامة، وتوفير بيئة مواتية لجذب الاستثمارات في قطاع الطاقة الخضراء.
ومع تكامل مشروعات الطاقة الشمسية والرياح والهيدروجين الأخضر، تُرسّخ سلطنة عمان موقعها بصفتها مركزًا إقليميًا ناشئًا لتقنيات الطاقة المستقبلية، بما يعزز من مكانتها الاقتصادية والبيئية على المستويين الإقليمي والعالمي.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
- أول مشروع لتخزين الطاقة المتجددة في سلطنة عمان من "العمانية".
- تطوير مشروعات لطاقة الرياح في سلطنة عمان من منصة الطاقة المتخصصة.
0 تعليق